

في أعقاب عملية سندور، أعلنت القوات المسلحة الهندية عن عدة مبادرات جديدة تهدف إلى تحويل القوات المسلحة. لقد أخذ الجيش الهندي زمام المبادرة في هذا الشأن وهو يعيد هيكلة تشكيلاته. وهذا يتضح من إنشاء خمس كتائب بهيراف، واثنتين من لواءات رودرا، ورفع فِصائل أشني من الطائرات بدون طيار. الوحدات الجديدة المنشأة متمركزة في الغالب على الحدود الغربية والشمالية. كما أنها تشارك بنشاط في التدريبات العسكرية، بما فيها المناورة الثلاثية الخدمات التي تستمر 12 يوماً على طول الحدود مع باكستان. ما المبرر وراء هذا التحول وهو يحدث بينما لا تزال الهند في وضع حرب فعلي من الناحية التقنية؟ قبل الخوض في مزيد من النقاش، من الضروري تعريف إعادة الهيكلة العسكرية وهي إعادة تنظيم للوحدات العسكرية إما عن طريق دمجها مع بعضها البعض، أو بإقامة وحدات جديدة من خلال استخراج الموارد من الوحدات الموجودة. كما تتضمن تجهيز الوحدات الجديدة بأسلحة متقدمة وأدوات عالية التقنية. مع ذلك تبقى إعادة الهيكلة خاضعة للعقيدة العسكرية القائمة وهذا يعني أنه إذا تغيّرت العقيدة فسيُحتمل أن تتغير أيضاً إعادة الهيكلة. لا يجري هذا العمل في فراغ بل وفقاً لمتطلبات التصور الجديد للتهديد. عقب توقف الأعمال العدائية بين الهند وباكستان في مساء 10 مايو، أعلنت الرئاسة السياسية والعسكرية الهندية أنها ستعلق عملية سندور بدلاً من إنهائها. من الواضح أن هناك توافقاً للحفاظ على العملية العسكرية نشطة لتجاوز الروتين البيروقراطي لوزارة الدفاع. لا تملك البيروقراطية الهندية سرعة كافية في تمرير التغييرات، ومع ذلك في حالات الطوارئ أو الحرب تُطبق بند الشراء الطارئ EP. بموجب بند EP يمكن للقوات المسلحة شراء معدات وتعبئة المخزونات الحربية بشكل عاجل عادة خلال 3 إلى 6 أشهر. تفعل هذه السلطات أثناء النزاعات أو التوترات أو الكوارث الطبيعية. بالنسبة للجيش الهندي بدأ هذا الإجراء بعد إعلان وقف إطلاق النار: سمحت الحكومة للجيش بشراء معدات بقيمة 400 مليار روبية هندية حوالي 4.5 مليار دولار. لم يكن هذا الإجراء جديداً على حكومة مودي فقد أقرت عام 2016 لأول مرة EP مباشرة عقب حادثة أوري. مستفيداً من هذه الفرصة، بدأ الجيش الهندي في إعادة هيكلة قواته بوتيرة سريعة بعد عملية سندور. كجزء من هذه العملية أنشأ الجيش لواءات رودرا المشتركة السلاح، كتائب بهيراف، وفِصائل أشني. ولكن تجهيز الوحدات الجديدة بأسلحة حديثة يتطلب مبالغ ضخمة من المال. لذلك طالبت القوات المسلحة باستخدام EP لاقتناء هذه الأسلحة بشكل عاجل. اللواءان رودرا الجديدان متمركزان تحت قيادتي الشرق والشمال، وهما إصداران مطوران من مجموعات القتال المستقلة IBG، ومن المحتمل أن يحتفظ الجيش الهندي بمفهوم IBG أيضاً. تقوم اللواءات على فكرة وجود قوة استجابة سريعة في كل قطاع، قادرة ليس فقط على شن اختراق سريع لأراضي العدو بل أيضاً على إيقاف أي اختراق مفاجئ. اللواءات أصبحت الآن عاملة بالكامل، كما يظهر من مشاركتها في المناورات الميدانية. من أصل خمس كتائب بهيراف التشغيلية، ثلاث منها موضوعة تحت القيادة الشمالية مع الفيلق 14 في لَه، والفيلق 15 في سريناغار، والفيلق 16 في ناجوترا. الكتائب الاثنتان المتبقيتان مدمجتان مع الفيلق 12 والفيلق 3 تحت القيادتين الجنوبية والشرقية على التوالي. سيتم رفع أربع كتائب إضافية قريباً، والهدف في الستة أشهر القادمة هو إنشاء 25 وحدة. علاوة على ذلك، تسعى الهند لتزويد 380 كتيبة مشاة بفِصائل أشني من الطائرات بدون طيار. يتكون كل فصيل من قسمين رئيسيين: قسم هجوم وقسم رصد مزود بطائرات مراقبة. وقد اختُبرت فِصائل أشني حتى الآن في تدريبات متعددة خلال الشهرين الماضيين بما فيها Yudh Kaushal 3.0 وAshni Prahar وThar Shakti 2025. إضافة إلى رفع هذه الوحدات الجديدة، تقوم القوات المسلحة بتجهيـزها بالأجهزة والأسلحة الحديثة. ولتحقيق هذا الهدف، تلقت الحكومة أول دفعة من المال في يونيو 2025 وأصدرت أمراً بقيمة 19.81 مليار روبية لشراء ستة أنواع من الذخائر المُسيرة و4 أنواع من طائرات المراقبة لتسليح فِصائل أشني، بالإضافة إلى شراء رادارات منخفضة الارتفاع ومنصات دفاع جوي قصير المدى جداً وصواريخ ومركبات قتالية سريعة الاستجابة ونظارات ليلية للبنادق. كما تم شراء صواريخ جافلين ومُطلقاتها، وبنادق AK-630، وأنظمة مضادّة للطائرات بدون طيار، والعديد من الأسلحة الأخرى بموجب إجراء المسار السريع منذ مايو 2025. من الأقوال الشهيرة في دوائر الجيش الهندي أن الأمر يستغرق وقتاً أقصر لخوض حرب من شراء الأسلحة اللازمة لخوضها، لأن نظام المشتريات يعمل وفق جدول زمني جليدي. وكانت حكومة مودي على علم بهذا الواقع عندما تولت الحكم في 2014، لذا سمحت مراراً وتكراراً للجيش باستخدام بند الشراء الطارئ لاقتناء أنظمة حيوية حسب الحاجة لتعزيز الجاهزية التشغيلية بسرعة. ومن المحتمل أن يستمر هذا النهج لأن تعديل الأعراف البيروقراطية التي استغرقت عقوداً من الزمن سيستغرق وقتاً. إعادة هيكلة وحدات المشاة هي مجرد البداية، وفي المستقبل ستخضع تشكيلات المدرعات والمدفعية والدفاع الجوي لإعادة هيكلة كذلك. وهذا يعكس نهجاً عقائدياً جديداً للجيش الهندي يركز على إنشاء تشكيلات قتالية سريعة الاستجابة مجهزة بأحدث الأسلحة والتكنولوجيا بما فيها الطائرات بدون طيار القادرة على العمل بشكل مستقل خلال مهام قصيرة. يجب على باكستان متابعة هذه التطورات عن كثب، لأن كتائب بهيراف ولواءات رودرا وفِصائل أشني ستستخدم في أي صراع مستقبلي إلى جانب الحدود الهندية الباكستانية. وعلاوة على ذلك، قد تغري هذه القدرات قيادة الجيش الهندي بمغامرة عسكرية خاصة وأن قيادته الحالية هددت مؤخراً بمحو باكستان من خريطة العالم. الإشارة من نيودلهي واضحة؛ لن تنتظر سنوات لتحديث جيشها. بدل ذلك، تعمل المؤسسة السياسية على ضمان أن تتلقى الخدمات الثلاث جميع الأموال اللازمة لتحديثها بأسرع ما يمكن أثناء حالة الحرب. الهدف النهائي هو إبقاء القوات الهندية في مصاف التفكير العقائدي الحالي، وهو الحفاظ على جاهزية قتالية دائمة للقيام بضربات بسرعة.